بقلم: محمد الماطري صميدة
جلست إليه منصتا ومطرقا في وجوم وتركيز ليحدثني عن «خيبة أمله» في من علّق عليها كل آماله!! وأحبّها بصدق وإخلاص!!
إنه صديق عزيز على قلبي وقريب مني!! ولكن عيبه ـ إن كان هذا عيبا وذنبا ـ أنه بدل أن يقود قلبه، يقوده قلبه الطيب وعاطفته الجياشة لربط علاقات في النور والحلال، ليجد نفسه عرضة للصدّ ـ في نهاية المطاف ـ بعد الاستغلال!!
ولقد سبق وأن نشرت له قصة حبه الاولى الفاشلة تحت عنوان: «الحقيقة المـرّة»... وها أنا أنشر له قصة حبه الثانية... والخيبة الثانية... مع الأسف، وقديما قالوا «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»... ولكن!!
يقول محدثي صديقي العزيز: لا أدري أي حظ عاثر يقابلني كلما تعرفت على امرأة، ورمت التأسيس بها في الحلال وفي النور!! إني كلما أقرّر الزواج بواحدة، تظهر على حقيقتها خالية من كل المزايا النبيلة والصفات والآمال التي بنيتها عليها!!
وما أكثر المرات التي أصبت فيها بخيبة الأمل... وما أكثر المرات التي كانت نهايتها الخسران والفشل!!
إني كما تعلم يا صديقي... أحمل في كياني وجوانحي قلبا يغمر الدنيا حبّا وعاطفة جيّاشة، وإني رجل طيب وخلوق ومحترم الوظيفة والمكانة الاجتماعية، ولكن ومع ذلك فإن علاقاتي النسائية في الحلال فاشلة وغريبة في الغالب نهايتها!! ولا أدري لـمَ؟
وسأبدأ لك الحكاية من البداية... وحتى النهاية!! حيث تعرفت عن طريق حريفة لي، على امرأة مطلقة وأم لطفل، وتشغل هي الأخرى وظيفة محترمة في المجتمع!!
ولقد أعجبتني هذه المرأة ومن أول نظـرة، ولقد أحسست نحوها بشعور غريب هو مزيج من العطف والحب!! وبهذا الشعور انطلقت أكاشفها عن نفسي، وأنحت لي في كيانها تمثال حب وعشق خلته أبديا ودائما!!
لقد تسللت الى قلبها شيئا فشيئا، وإذا بها تبادلني نفس المشاعر ونفس الشعور، وإذا نحن نطير في فضاء رحب شاسع كله ضجيج وحركة وحيوية!!
ولقد حاولت جهدي أن أسعدها، وأن أوفر لها ولابنها كل ما يلزم من هدايا، وملابس، وكل ما كانت تطلبه لخاصة نفسها أو لخاصة ابنها... وكنت في هذا التوفير... الرجل ذا القلب الكبير، حيث لم أكن أتردد لحظة في إسعادها هي... وولدها وإخوتها، ولقد كان يدفعني الى هذا العطاء، الحب الكبير الذي أكنّه لها... بلى لقد كنت أحبها وأعشقها، وكنت أتواصل معها رغم البعد... بعد المسافات بيننا... كنت أبحث من خلف عقود الياسمين عن ذاتها... ألمـلم بقايا صورتها من بين بذور القمح لتنبت وتنكشف ويتسلل ظلها بين سنابلها المورقة بالحياة ولتنضج وتصبح كشجرة...
كل شيء كان حولي ناصعا كنظرات الاطفال مشرقا كضحكات العيد وهداياه الملوّنة!
نعم لقد كانت تطلب وألبّي... حتى بنزين سيارتها كان على حسابي... فضلا عن تنقّلها إليّ! لقد كنت أصرف عليها بلا حساب، تماما كما كنت أفعل مع إخوتها الذين لم «يعزمني» ولا واحد منهم ـ ولو مرة واحدة ـ على شرب قهوة... ويكون ثمنها على حسابه!!
لقد كنت أفهم الحب يا صديقي ـ يضيف محدثي مستدركا ـ على أنه حالة قلق وتوتر وانتظار وأحاسيس تفور ولا تنضب... ولقد كنت أعتبر الحبيبة أنشودة لا يتوقف عن ترديدها كياني... وأحسّها روحا أقرب إليّ من روحي... وقلبا أحنّ عليّ من قلبي... وأرى الحياة أملا وثقة وارتباط روحين!
وبهذه المفاهيم... حلمت... وانتظرت... حتى لقيت حلم حياتي وحبيبة عمري في تلك المرأة المطلقة!!
وهذا حقا ما كنت أشعر به نحوها... وأستشعره فيها... ولا أطيل عليك الحديث يا صديقي... فلقد ظللنا نمرح في مرعى الهوى... حتى سألتها مطلبا كنت أتوق اليه وأحلم به... لقد سألتها الزواج... وطلبت منها أن أستقدم أفراد عائلتي لخطبتها رسميا في عيد ميلاد ابنها... حتى تكون الفرحة فرحتين... ولم أجد أفضل من تلك المناسبة مناسبة يتم فيها التعارف بين العائلتين وتكون التباريك والافراح على واجهتين!!
ولقد كنت هنا أنتظر منها أن تسارع بالجواب، وأن تكون متلهفة مثلي على الارتباط... فالزواج!! ولكن... ولكن يا سيدي... رفضت أن آتي بأفراد عائلتي للتعرّف على عائلتها... وقالت لي «إذا رمت المجيئ فوحدك فقط ولا أريد أحدا آخر غيرك»... ثم طلبت مني في منتهى «الوقاحة والبجاحة» أن أعطيها 3 آلاف دينار، حتى ترضى بي زوجا لها، وترضى عني!! نعم هذا ما طلبته مني كشرط لهذا الارتباط! كنت أستمع اليها ولا أفهم شيئا!! ثم فهمت عدة أشياء بعد ذلك حين رأيت لسانها الذي كان يقطر شهدا وعسلا وكلاما عذبا، أصبح يقطر بفحش في القول، وسبابا وهستيريا لفظية وهكذا دون وجه حق وبغير موجب! سوى أني رفضت مطلبها التعجيزي... وقلت لها: ترى وماذا يمكن أن تطلبي مني لكي نتزوج!!
والحق أقول لم أكن أنتظر منها هذا... فقد كانت وحدها التي تمنحني دفئا وحنانا صادقين... وكانت وحدها سمفونيتي المقدسة ومعزوفتي الساحرة! ولكنها كانت تبحث عن شيء آخر، كانت امرأة لعوبا... تبحث عن المال لا غير، أما الزواج والارتباط في الحلال... فهذا شيء ركنته ووضعته في آخر اهتماماتها!!
ولا أنكر يا صديقي أنها تركتني أعدو خلف المستحيل... خلف سراب الحب... خلف الأمل الكاذب... خلف حياة بائسة... يائسة... خلف أشياء صارت بلا معنى... ولكن بعد ماذا؟ بعدما صرفت عليها كل مالي، وحطّمت آمالي، وظهرت على حقيقتها خالية من كل المزايا. وبعدما استغلّتني هي وإخوتها أبشع استغلال، ولقد صُعقت ولُجمت وانهرت!! وتحطّمت!
لقد رضيت بالهمّ والهمّ لم يرضى بي كما يقال!! وهذه هي صورتها... وتلك ملامحها محفورة في الذاكرة، مطبوعة في البال، منسوجة في القلب، ساكنة في الوجدان، أحببتها جملة وتفصيلا و غضضت بصري عمن سواها، لقد كان للحياة معها معنى ومذاق ولوجودي هدف ورسالة... ولكني ها أنا أدرك أيضا أن كل شيء نسبي في هذه الحياة... الحب والمشاعر والذكريات والسعادة والتضحية. ها أنا أعلم بعد ذلك أن سحرها قد ذهب... وأنها مجرد دمية من الدمى البائدة الخامدة!!
والحق أقول أيضا يا سيدي... إنني كنت أشعر بحقيقتها... ولم أكن أصدّق، ولا أريد أن أصدّق، كنت أشعر أن لها بعض العلاقات الجانبية. ولكنها كانت ذكية في إبعادي عن مسك خيط الخيانة!! كانت تقرّبني منها مرة وتقصيني مرات، كانت تدنيني مرات ثم تحرق كياني بالغطرسة والغرور الزائف!! كان كل ما حولي في البداية يبعث على الاطمئنان والهدوء، ولكنني مع ذلك كنت أحسّ بقلق، وكان يخيّل إليّ دائما أن ذلك الهدوء الذي يحيط بي ليس إلا الهدوء الذي يسبق العاصفة!
إن ما يحزّ نفسي الآن ـ يصرخ محدثي من قاع اليأس ـ أني أردت دفعها الى الجنة ودنيا الاحلام فجازتني بالغمام، وأهديتها حبا ووردا فقدمت لي نكرانا وجحودا... وأعطيتها قلبي فزادت في حزني وكربي وغضبي!!
ثم صمت... واستدرك «أحيانا يهزّنا هذا القلب الى ما لا نشتهي... ويهزّنا هذا الحب الى ما لا نود!! ولا عزاء لمن يقوده قلبه الى حتفه!! ولقد كان عليّ أن أفهم ذلك باكرا... من لحظة أن كانت تطلبني في المال... وبشكل يفوق طاقة الاحتمال!! وكنت ألبّي بدعوى أنها روحي وقلبي وحبي! ولكن متى استقام مع مثل هذه المرأة حساب!!
ومع ذلك سأبقى أحبها... ولكن فقط كدمية خامدة... بائدة... ولكن الى متى يدوم حب الدمى البائدات الخامدات؟!
الأربعاء يونيو 03, 2009 4:35 pm من طرف RanimTounsi
» الخشوع فى الصلاة
الأربعاء يونيو 03, 2009 11:35 am من طرف RanimTounsi
» طرا ئف الشارع التونسي
الأربعاء يونيو 03, 2009 10:39 am من طرف RanimTounsi
» نصيحة اليوم 03/06/2009
الأربعاء يونيو 03, 2009 10:26 am من طرف RanimTounsi
» ازياء
الثلاثاء يونيو 02, 2009 11:10 pm من طرف miss sa7liya
» الغيبة
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:24 pm من طرف RanimTounsi
» تذكر قبل أن تعصي:
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:18 pm من طرف RanimTounsi
» اذا سالت فاسال الله
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:09 pm من طرف RanimTounsi
» Des robes pour vous les femmes
الثلاثاء يونيو 02, 2009 5:02 pm من طرف miss sa7liya